جوهرة القدس من الکنز الخفی++
بدت فأبدت عالیات الأحرف
و قد تجلی من سماء العظمة++
فی عالم الأسماء أسمی کلمه
بل هی اُم الکمات المحکمة++
فی غیب ذاتها فکانت مبهمه
اُم أئمة العقول الغربل++
«اُمأبیها» و هو علة العلل
روح النبی فی عظیم المنزله++
و فی الکفاء کفؤ من لا کفؤ له
تمثلت رقیقة الوجود++
لطیفة جلت عن الشهود
تطوّرت فی أفضل الأطوار++
نتیجة الأدوار والأکوار
تصوّرت حقیقة الکمال++
بصورة بدیعة الجمال
فإنها الحوراء فی النزول++
و فی الصعود محور العقول
یمثل الوجوب فی الإمکان++
عیانها بأحسن العیان
فإنها قطب رحی الوجود++
فی قوسی النزول والصعود
و لیس فی محیط تلک الدائرة++
مدارها الأعظم إلا «الطاهرة»
مصونة عن کل رسم موسمه++
مرموزة فی الصحف المکرمة
«صدیقة» لا مثلها صدیقة++
تفرغ بالصدق عن الحقیقة
بدا بذلک الوجود الزاهر++
سر ظهور الحق فی المظاهر
هی البتول الطهر والعذراء++
کمریم الطهر و لا سواء
فإنها «سیدة النساء»++
و مریم الکبری بلا خفاء
و حبها من الصفات العالیه++
علیه دارت القرون الخالیه
تبتلت عن دنس الطبیعه++
فیالها من رتبة رفیعه
مرفوعة الهمة والعزیمة++
عن نشأة الزخارف الذمیمه
فی اُفق المجد هی الزهراء++
للشمس من زهرتها الضیاء
بل هی نور عالم الأنوار++
و مطلع الشموس والأقمار
رضیعة الوحی من الجلیل++
حلیفة لمحکم التنزیل
مفطومة عن زلل الأهواء++
معصومة عن وصمة الخطاء
معربة بالستر والحیاء++
عن غیب ذات باریء الأشیاء
«راضیة» بکل ما قضی القضا++
بما یضیق عنه واسع الفضا
«زکیة» عن وصمة القیود++
فهی غنیة عن الحدود
یا قبلة الأرواح والعقول++
و کعبة الشهود والوصول
من بقدومها تشرفت (منی)++
و من بها تدرک غایة المنی
و بابها الرفیع باب الرحمة++
و مستجار کل ذی ملمة
و ما الحطیم عند باب فاطمة++
بنورها تطفأ نار الحاطمة
و بیتها المعمور کعبة السماء++
أضحی ثراه للثریا ملثما
و خدرها السامی رواق العظمه++
و هو مطاف الکعبة المعظمه
حجابها مثل حجاب الباری++
بارقة تذهب بالأبصار
تمثل الواجب فی حجابها++
فکیف بالإشراق من قبابه
یا درة العصمة والولایة++
من صدف الحکمة والعنایة
ما الکوکب الدریّ فی السماء++
من ضوء تلک الدرّة البیضاء
والنیّر الأعظم منها کالسها++
کیف و لا حد لها و منتهی
أشرقت العوالم العلویة++
بنور تلک الدرّة البهیه
یا دوحة جازت سنام الفلک++
بل جاوز السدرة فرعها الزکی
یا دوحة أغصانها تدلت++
بموضع فیه العقول ضلت
دنت إلی مقام أو أدنی فلا++
تتبغ من ذلک أعلا مثلا
یا شجر الطور و أین الشجرة++
من دوحة المجد الأثیل المثمرة
و انما السدرة والزیتونه++
عنوان تلک الدوحة المیمونه
أثمارها الغر مجالی الذات++
مظاهر الأسماء والصفات
مبادیء الحیاة فی البدایة++
و منتهی الغایات فی النهایة
أثمارها عزائم القرآن++
فی صفحات مصحف الإمکان
أثمارها منابت للمعرفة++
من جنة الذات غدت مقتطفه
لک الهنا (یا سیدالوجود)++
فی نشئات الغیب والشهود
بمن تعالی شأنها عن مثل++
کیف و لا تکرار فی التجلی
لا یتثنی هیکل التوحید++
فکیف بالنظیر والندید
و ملتقی القوسین نقطة فلا++
تری لها ثانیة أو بدلا
وحیدة فی مجدها القدیم++
فریدة فی أحسن التقویم
بشراک (یا أباالعقول العشرة)++
بالبضعة الطاهرة المطهرة
مهجة قلب عالم الإمکان++
و بهجة الفردوس فی الجنان
غرتها الغراء مصباح الهدی++
یعرف حسن المنتهی بالمبتدا
و فی محیاها بعین الأولیا++
عینان من ماء الحیاة والحیا
بل وجهها الکریم وجه الباری++
و قبلة العارف بالأسرار
بشراک یا خلاصة الإیجاد++
بصفوة الأنجاد والأمجاد
أمالکتاب و ابنة التنزیل++
ربة بیت العلم بالتأویل
بحر الندی و مجمع البحرین++
قلب الهدی و مهجة الکونین
واحدة النبی أول العدد++
ثانیة الوصی نسخة الاحد
و مرکز الخمسة من أهل العبا++
و محور السبع علواً و إبا
لک الهنا یا سید البریه++
بأعظم المواهب السنیه
أتاک طاووس ریاض الانس++
بنفحة من نفحات القدس
من جنة الصفات و الأسماء++
جلّت عن المدیح والثناء
فارتاحت الأرواح من شمیمها++
و اهتزت النفوس من نسیمها
بها انتشی فی الکون کل صاح++
و طابت الأشباح بالأرواح
تحیی بها الأرض و من علیها++
و مرجع الأمر غداً إلیها
لهفی لها لقد اُضیع قدرها++
حتی تواری بالحجاب بدرها
تجرعت من غصص الزمان++
ما جاوز الحد من البیان
و ما أصابها من المصاب++
مفتاح باب «حدیث الباب»
ان حدیث الباب ذو شجون++
مما به جنت ید الخؤون
أیهجم العدی علی بیت الهدی++
و مهبط الوحی و منتدی الندی
أیضرم النار بباب دارها++
و آیة النور علا منارها
و بابها باب النبی الرحمة++
و باب أبواب نجاة الاُمة
بل بابها باب العلی الأعلی++
فثم وجه اللّه قد تجلی
ما اکتسبوا بالنار غیر العار++
و من ورائه عذاب النار
ما أجهل القوم فإن النار لا++
تطفیء نور اللّه جلّ و علا
و إن کسر الضلع لیس ینجبر++
إلّا بصمصام عزیز مقتدر
إذ رض تلک الأضلع الزکیة++
رزیة لا مثلها رزیة
و من نبوع الدم من ثدییها++
یعرف عظم ما جری علیها
و جاوز الحد بلطم الخد++
شلت ید الطغیان والتعدی
فاحمرت العین و عین المعرفة++
تذرف بالدمع علی تلک الصفة
و لا تزیل حمرة العین سوی++
بیض السیوف یوم ینشر اللوا
و للسیاط رنّة صداها++
فی مسمع الدهر فما أشجاها
والأثر الباقی کمثل الدملج++
فی عضد الزهراء أقوی الحجج
و من سواد متنها اسودّ الفضا++
یا ساعد اللّه الإمام المرتضی
و وکز نعمل السیف فی جنبیها++
أتی بکل ما أتی علیها
و لست أدری خبر المسمار++
سل صدرها خزانة الأسرار
و فی جنین المجد ما یدمی الحشا++
و هل لهم إخفاء أمر قد فشا
والباب والجدار والدماء++
شهود صدق ما به خفاء
لقد جنی الجانی علی جنینها++
فاندکت الجبال من حنینها
أهکذا یصنع بابنة النبی++
حرصاً علی الملک فیا للعجب
أتمنع المکروبة المقروحة++
عن البکا خوفاً من الفضیحة
تاللّه ینبغی لها تبکی دماً++
مادامت الأرض و دارت السما
لفقد عزها أبیها السامی++
و لاهتضامها و ذل الحامی
أتستباح نحلة الصدیقه++
وارثها من أشرف الخلیقه
کیف یرد قولها بالزور++
إذ هو ردّ آیة التطهیر
أیؤخذ الدین من الأعرابی++
و ینبذ المنصوص بالکتاب
فاستلبوا ما ملکت یداها++
و ارتکبوا الخزیة منتهاها
یا ویلهم قد سألوها البینة++
علی خلاف السنة المبینة
و ردّهم شهادة الشهود++
أکبر شاهد علی المقصود
و لم یکن سد الثغور غرضا++
بل سد بابها و باب المرتضی
صدوا عن الحق و سدوا بابه++
کأنهم قد آمنوا عذابه
أبضعة الطهر العظیم قدرها++
تدفن لیلاً و یعفی قدرها
ما دفنت لیلاً بسترها و خفا++
إلا لوجدها علی أهل الجفا
ما سمع السامع فیما سمعا++
مجهولة بالقدر والقبر معا
یا ویلهم من غضب الجبّار++
بظلمهم ریحانة المختار