اشتهرت الصدیقة (بالزهراء) الجمال هیئتها والنور الساطع فی غرتها حتی إذا قامت فی محرابها زهر نورها لأهل السماء کما یزهر الکوکب لأهل الأرض(1) و ان حضرت للإستهلال أول الشهر لا یری نور الهلال لغلبة نور وجهها علی ضیائه و إذا ارتفعت ظهور نوره(2)
خجلاً من نور بهجتها++
تتواری الشمس بالشفق
و حیاء من شمائلها++
یتواری الغصن بالورق(3)
و لا بدع فی ابنة النبوة بعد أن اشتقت من النور الإلهی الأقدس و أشبه وجهها وجه أبیها(4) و إذا نطقت أفرغت عن صوته و لحنه(5) و إذا مشت حکت کریم قوامه فانه کان یمیل علی الجانب الأیمن مرة و علی الأیسر اُخری(6)
و فی حدیث الصادق علیهالسلام: سمّیت الزهراء لأن نورها اشتقّ من نور عظمة اللّه سبحانه و لما أشرق نورها غشی أبصار الملائکة فخرّوا إلی اللّه سجّداً و قالوا: إلهنا و سیّدنا ما هذا النور؟ فأوحی إلیهم: هذا نور من نوری أسکنته فی سمائی و اُخرجه من صلب نبی من أنبیائی اُفضّله علی جمیع الأنبیاء و اُخرج من ذلک النور أئمّة یقومون بأمری و یهدون إلی حقّی أجعلهم خلفائی فی أرضی بعد انقضاء وحیی(7)
و یحدث سلمان الفارسی ان العباس بن عبدالمطلب قال لرسولاللّه صلّی اللّه علیه و آله لماذا فضّل علیّ علینا أهل البیت والمعدن واحد؟ فقال صلّی اللّه علیه و آله: ان اللّه خلقنی و خلق علیاً و لا سماء و لا أرض و لا جنّة و لا نار و لا لوح و لا قلم، فلما أراد بدء خلقنا تکلّم بکلمة فکانت نوراً ثم تکلّم باُخری فکانت روحاً و مزج ما بینهما فاعتدلا فخلقنی و علیاً ثم فتق من نوری نور العرش فأنا أجل من العرش و فتق من نور الحسن نور الشمس فالحسن أجلّ من الشمس و فتق من نور الحسین نور القمر فالحسین أجلّ من القمر.
و کانت الملائکة تقول فی تسبیحها سبّوح قدّوس من أنوار ما أکرمها
علی اللّه، فلمّا أراد سبحانه أن یبلو الملائکة أرسل علیهم ظلمة فکانوا لا یرون أولهم من آخرهم فضجّوا بالدعاء قائلین الهنا و سیّدنا منذ خلقتنا ما رأینا مثل هذا فنسألک بحق هذه الأنوار إلّا ما کشفت عنّا هذه الظلمة.
فخلق اللّه نور (فاطمة) کالقندیل و علّقه بالعرش فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع فمن أجل هذا سمّیت «بالزهراء» و أوحی سبحانه و تعالی إلی الملائکة انی جاعل ثواب تسبیحکم و تقدیسکم إلی یوم القیامة لمحبّی هذه المرأة و بعلها و بنیها.
فقام العبّاس من عند رسولاللّه فرحاً بما أبداه النبی صلّی اللّه علیه و آله من فضل ابن أخیه أمیرالمؤمنین و سیّد الوصیّین و فضل سیّدی شباب أهل الجنّة و اُمهما العذراء البتول سیّدة نساء العالمین و لقی علیاً علیهالسلام فضمّه إلی صدره و قبّل ما بین عینیه و قال: بأبی عترة المصطفی من أهل بیت ما أکرمکم علی اللّه عزّ و جل(8) و فی هذا قلت:
أنوارهم ساطعة من قبل أن++
یکتب فی اللوح وجود و زمن
و جاء عن سلمان فی نص الخبر++
ما قاله النبی سیّد البشر
لعمّه العباس إذ أتاه++
یسأل عما فضلت أبناه
و حیدر و ابنته الزهراء++
و کلهم من هاشم سواء
فقال ان اللّه قد برانی++
من نوره القدسی و اصطفانی
و اختار حیدراًً إلی الولایة++
والحسنین حجة و آیة
والعرش قد کوّنه الرحمن++
من فضل نوری فلی الإحسان
والأرض والسبع العلی السواری++
و غیرها من نور (حامی الجار)
و قد قضی اللّه علی الغزالة++
أن لا یکون نورها اصالة
فهی تشع من ضیاء الحسن++
والقمر الزاهر طول الزمن
من الحسین خامس الکساء++
یسطع نوراً فی دجی الظلماء
و ضجت الأملاک بالدعاء++
إلی الإله فاطر السماء
و استمنحته یوم عمها العنا++
أن یکشف الظلماء عنهم بسنا
فعندها أظهر نوراً لامعاً++
من نور لاطم أزال البرقعا
فلقب البتول «بالزهراء»++
رمزاً إلی ذیالک السناء
1) علل الشرایع للصدوق ص 71 باب 143.
2) البحار ج 10 ص 17 من کتاب فضائل شهر رمضان للصدوق.
3) فی کشفالغمة ص 140 ان تاجالدین محمد بن نصر بن الصلایا الحسینی حکی له ان بعض الوعاظ کان ینشد ذلک عند ما یذکر فضائل فاطمة.
4) کشفالغمة ص 142.
5) ذخائر العقبی للمحب الطبری ص 41 و مستدرک الحاکم ج 3 ص 154.
6) مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 112.
7) المحتضر للحسن بن سلیمان ص 133 ط النجف.
8) البحار ج 10 ص 7 عن إرشاد القلوب.