کان الإمام أمیرالمؤمنین (علیهالسلام) ینتظر السیدة فاطمة الزهراء (علیها السلام) زمیلته فی الجهاد، و شریکته فی الآلام و الآمال.
ینتظر رجوعها من ساحة الجهاد، من مسجد أبیها.
من المؤتمر الإسلامی الذی انعقد فی أکبر مرکز إسلامی یومذاک.
رجعت و هی مرهقة بأتعاب الجهاد المتواصل. و حیاتها کلها جهاد.
رجعت و هی منتصرة، و إن کانت- فی الوقت نفسه- مغلوبة علی أمرها مظلومة مهضومة، منکسرة القلب، متعبة الأعصاب، حزینة.
إنتصرت لأنها أعلنت للجماهیر، للأجیال، للتاریخ أنها مظلومة، مغصوب حقها أنها أدانت السلطة بالخطأ المکشوف، بالإعتداء المقصود.
إنتصرت لأنها عرّفت الإسلام کما ینبغی.
تحدثت عن النقاط الرئیسیة فی الإسلام، عن التوحید عن النبوة و الإمامة، و علل الأحکام، و فلسفة الشریعة الإسلامیة، و بکل ما یدور فی هذا الفلک الواسع الشاسع.
و وصلت إلی بیتها، و قد بقی الشوط الأخیر من أشواط الجهاد.
رجعت لتکشف حقیقة أخری لأهل العالم. للتاریخ.
و اختارت- لکشف الحقیقة- هذه الطریقة و هذا الأسلوب أسلوب الحوار مع زوجها. الحوار الذی یشبه العتاب.
و فی الوقت نفسه تتحدث عن الأحداث، عن موقف السلطة یومذاک. عن موقف المسلمین الذین استولت علیهم الحیرة و الدهشة و الذهول. الضمائر تؤنّبهم، و الإحساس بالألم یُجری دموعهم، الخوف من السلطة یخرسهم، فهم فی ذهول.
یرون شیئاً، و یسمعون أشیاء:
یرون رئیس الدولة، و هو یدَّعی أنه یمثّل صاحب الشریعة الإسلامیة.
و یسمعون من إبنة صاحب الشریعة (فاطمة) الآهات، و کلمات التظلّم و السخط علی الحکام.