جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

تحقیق حول أسماء بنت عمیس و أم سلمة

زمان مطالعه: 4 دقیقه

إن أسماء بنت عُمیس کانت زوجة جعفر بن أبی‏طالب و قد هاجر جعفر إلی الحبشة مع زوجته و عدد من المسلمین قبل الهجرة من مکة بسنوات، و رجع جعفر من الحبشة إلی المدینة یوم فتح خیبر فی السنة الخامسة من الهجرة.

هذا هو المتفق علیه بین المؤرخین، و لکنک تجد حدیثاً یصرّح بحضور أسماء بنت عُمیس عند السیدة خدیجة الکبری ساعة وفاتها فی مکة کما مر علیک.

و تجد الأحادیث الکثیرة التی تصرِّح بحضورها فی زواج السیدة فاطمة الزهراء تجد التصریح باسمها و إسم أبیها و اللقب: (أسماء بنت عُمیس الخثعمیة).

و قد روی صاحب کشف الغمة حضور أسماء بنت عُمیس الخثعمیة فی زواج السیدة فاطمة، و رواه الحضرمی فی (رشفة الصادی ص 10) و أحمد بن حنبل فی (المناقب) و الهیثمی فی (مجمع الزوائد) و النسائی فی (الخصائص ص31) و محب الدین الطبری فی (ذخائر العقبی) عن إبن عباس، و عن الخوارزمی عن الحسین بن علی (علیهماالسلام) و عن السید جلال الدین عبد الحمید بن فخار الموسوی، و عن الدولابی و عن الإمام الباقر عن آبائه (علیهم‏السلام).

و روی عن بعض هؤلاء شیخنا المجلسی فی البحار ج 43.

مع العلم أن زواج السیدة فاطمة کان بعد واقعة بدر، و قبل واقعة أحد، أی فی السنة الأولی أو الثانیة من الهجرة، فکیف الجمع بین هذین القولین؟

إن هذه مشکلة تاریخیة لم یجد المؤرخون لها حلاً مقبولاً صحیحاً، و قد تکلَّف شیخنا المجلسی فی البحار ج 43 ببعض التأویلات أو التصرفات. و لکنها لا تتفق مع التصریح باسم أسماء بنت عُمیس الخثعمیة.

و أعجب من هذا ما ذکره القمی فی سفینة البحار فی مادة (ک ذ ب) عن مجاهد قال:قالت أسماء بنت عُمیس: کنت صاحبة عائشة التی هیأتها و أدخلتها علی رسول‏الله، و معی نسوة، و قالت: فوالله ما وجدنا عنده قوتاً إلاَّ قدحاً من لبن، فشرب ثم ناوله عائشة، فاستحیت الجاریة فقلت لها:

لا تردی ید رسول‏الله، خذی منه فأخذته علی حیاء فشربت منه، ثم قال:

ناولی صواحبک

فقلن: لا نشتهیه.

فقال: لا تجمعن جوعاً و کذباً.

قالت: فقلت: یا رسول‏الله إن قالت إحدانا- لشی‏ء-: لا نشتهیه أیعدُّ ذلک کذباً؟

قال (صلی الله علیه و آله و سلم): إن الکذب لیکتب حتی یکتب الکذیبة کذیبة.کان المقصود من ذکر هذا الحدیث هو حضور أسماء بنت عمیس فی زواج الرسول بعائشة و کان ذلک قبل زواج السیدة فاطمة الزهراء (علیهاالسلام).

أضف إلی هذا أنه قد اشتهر بالتواتر حضور أسماء بنت عمیس عند ولادة الإمام الحسین (علیه‏السلام) فی السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة،

و کل ذلک قبل فتح خیبر، أی قبل رجوع جعفر بن أبی‏طالب من الحبشة.

و قد روی شیخنا المجلسی فی البحار ج 43 عن محمد بن یوسف الکنجی فی کتابه: (کفایة الطالب) حضور أسماء بنت عمیس فی زواج السیدة فاطمة الزهراء.

قال محمد بن یوسف: هکذا رواه ابن بطة، و هو حسن عال، و ذکر أسماء بنت عمیس فی هذا الحدیث غیر صحیح لأن أسماء هذه إمرأة جعفر ابن أبی‏طالب…

إلی أن قال: و أسماء التی حضرت فی عرس فاطمة (علیهاالسلام) إنما هی أسماء بنت یزید ابن السکن الأنصاری، و أسماء بنت عمیس کانت مع زوجها جعفر بالحبشة،و قدم بها یوم فتح خیبر سنة سبع، و کان زواج فاطمة (علیهاالسلام) بعد وقعة بدر بأیام یسیرة، فصحَّ بهذا أن أسماء المذکورة فی هذا الحدیث إنما هی بنت یزید….. الی آخره.

أقول: لو لم یکن فی الأحادیث تصریح باسم أسماء و إسم أبیها و لقبها لأمکن هذا التوجیه أو التأویل، و لکن کیف یصح هذا التکلف و التعسّف فی التأویل فی مقابل هذا النص الصریح، و هو: (أسماء بنت عمیس الخثعمیة)؟

و أما أسماء بنت یزید الأنصاری فان لنا أن نتساءل: کیف کانت فی مکه یوم توفیت السیدة خدیجة مع العلم أنها أنصاریة أی من أهل المدینة؟

و الحال أن أسماء التی حضرت وفاة خدیجة فی مکة هی التی حضرت زواج فاطمة الزهراء فی المدینة.

و اننی أظن أن الکنجی إنما قال هذا لوجود المشارکة فی الاسم بین أسماء بنت عمیس و أسماء بنت یزید، و لم یذکر أحد من المؤرخین حضور أسماء الأنصاریة فی مکة عند وفاة السیدة خدیجة.

و الذی یقوی عندی أن الحل الصحیح و الجواب المعقول هو: أن أسماء هذه هی أسماء بنت عمیس الخثعمیة زوجة جعفر بن أبی‏طالب، و أنها هاجرت مع زوجها إلی الحبشة، و لکنها رجعت إلی مکة، و هاجرت إلی المدینة، و لعلها کررت سفرها إلی الحبشة لأن المسافة من جدة إلی الحبشة هی مسافة عرض البحر الأحمر، و لیس قطع هذه المسافة بالصعب المستصعب ذهاباً و إیاباً، و إن کان التاریخ لم یذکر ذلک لأسماء فإن التاریخ أیضاً لم یذکر لأبی‏ذر الغفاری هجرته إلی الحبشه،و قد روی عن أبی‏ذر قوله: کنت أنا و جعفر بن أبی‏طالب مهاجرین إلی بلاد الحبشة…. الی آخر کلامه.

روی ذلک الشیخ المجلسی عن کتاب: (علل الشرائع) للصدوق.

و قد ظفرت بروایة رواها المجلسی فی البحار ج 43 فی باب تزویج السیدة فاطمة (علیهاالسلام) عن کتاب (مولد فاطمة) عن ابن بابویة: أمر النبی بنات عبدالمطلب…. إلی أن یقول: و النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) و حمزة و عقیل و (جعفر) و أهل البیت یمشون خلفها.. إلی آخره.

فالتصریح بوجود جعفر یحل هذه المشکلة.

بقیت هنا کلمة: و هی ان هجرة الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) کانت بعد وفاة السیدة خدیجة الکبری قطعاً، علی اختلاف فی تاریخ وفاتها فی الشهور و الأعوام قبل الهجرة.

و لکن الظاهر أن السیدة خدیجة توفیت قبل الهجرة بأقل من سنة.

و من ناحیة أُخری کانت هجرة جعفر بن أبی‏طالب إلی الحبشة مرتین، و هجرته الثانیة کانت بعد وفاة السیدة خدیجة، و قبل هجرة الرسول إلی المدینة.

و الدلیل علی ذلک هو الخبر المروی: أن رسول‏الله (صلی الله علیه و آله و سلم) یوم کان فی الغار قال: (إنی أری سفینة جعفر تعوم فی البحر).

و من هنا یسهل علینا أن نعرف بأنَّ بنت عمیس کانت فی مکة یوم وفاة خدیجة، و أنها قد حضرت عند وفاتها.

و أما مشکلة ام‏سلمة، فاننا نجد اسم السیدة ام‏سلمة فی الأیام التی سبقت زواج السیدة فاطمة الزهراء، فقد کان النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) فی بیتها یوم خطبة علی (علیه‏السلام) من فاطمة الزهراء، و قد قرأت أن النبی أودع عندها شیئاً من صداق فاطمة الزهراء و کانت مرجع النساء فی قضایا زواج السیدة فاطمة.

مع العلم أن المؤرخین ذکروا أن الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) تزوجها فی السنة الرابعة من الهجرة، و زواج السیدة فاطمة کان فی السنة الثانیة من الهجرة بعد بدر و قبل أُحد، فکیف کانت أُم‏سلمة فی هذه المراحل مع العلم أنها لم تکن زوجة النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) یومذاک؟.

نجیب عن هذا السؤال بما یلی:

أولاً: المناقشة فی سنة زواجها من الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) فلعل الرسول تزوجها فی أوائل الهجرة، أو أن زواج السیدة الزهراء کان فی السنة الرابعة من الهجرة و هذا احتمال بعید و قول ضعیف لا یُعبأُ به.

ثانیاً: إن السیدة أُم‏سلمة هی بنت عمة النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) فلا مانع ان تساهم فی مراحل زواج السیدة فاطمة الزهراء (علیهاالسلام) بحیث أن النبی یستودعها صداق فاطمة الزهراء، أو یکون لها إقتراح و رأی فی تعجیل زفاف السیدة فاطمة الزهراء. و لعل هذا الوجه هو الأقوی.

هذا ما یتبادر الی ذهنی و الله العالم بحقائق الأمور.