جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

واقعة الحرة

زمان مطالعه: 2 دقیقه

بعث یزید بن معاویة مسلم بن عقبة- و کان أحد جبابرة العرب

و شیاطینهم- بعثه إلی المدینة و معه ثلاثون ألف رجلِ(1)، و أوصی یزیدُ بن معاویة مسلم بن عقبة فقال: إذا ظهرتَ علی أهل المدینة فأبحْها ثلاثاً، و کل ما فیها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند.

خرج الجیش نحو مدینة الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) و تصدی أهل المدینة لمقابلة الجیش خارج المدینة، و التقی العسکران خارج البلدة فی منطقة یقال لها: «الحَرّة» و هناک وقعت الحرب، و قُتل من أهل المدینة المئات من أبناء المهاجرین و الأنصار و غیرهم،وانهزم الباقون متجهین نحو المدینة، إلا أن جیش الشام طاردهم ولا حقهم حتی و صلوا المدینة و لاذ المسلمون بالحرم النبوی فجعل جیش الشام یقتل أهل المدینة عند قبر الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) حتی ساوی الدم قبر رسول‏الله!!

و بعد ذلک نادی المنادی فی جیش الشام بأمر قائدهم مسلم بن عقبة: هذه المدینة قد أبحتُها لکم!!!

فما تظن بالجیش الفاتح الذی تُعطی له الحریة الکاملة، و یرفع عنه کل مسؤولیة؟؟ لقد عمد الجیش إلی نهب الأموال و هتک الأعراض، و افتضوّا أکثر من ثلثمائة عذراء، و وُلد فی تلک السنة ألف مولود لم یُعرف لهم أب.

و أستأذن القاریء لأقول له: حتی أن الرجل منهم کان یزنی بالمرأة المسلمة فی مسجد رسول‏الله (صلی الله علیه و آله و سلم)ِ(2)

و کان أفراد الجیش یدخلون بیوت أهل المدینة و ینهبون کل ما وجدوا فیها، و هجم أفراد منهم علی دار أبی‏سعید الخدری- الذی کان من مشاهیر أصحاب رسول‏الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و کان شیخاً کبیراً

قد کفّ بصره- فوجدوه جالساً علی التراب، لأن طائفة من الجیش کانت قد نهبت داره قبل ذاک، و لما فتش الأفراد داره و لم یجدوا شیئاً ما أحبّوا أن یخرجوا من داره بلا فائدة فعمدوا إلی الشیخ الأعمی المسکین و نتفوا لحیته و شعر حاجبیه و هو یصرح و یقول لهم: أنا أبوسعید الخدری!! أنا صاحب رسول‏الله.

و لکنهم لم یعبأوا بهذه الأسماء، و وجدوا فی بیته عدداً من الحمام فذبحوها و طرحوها فی البئر و خرجوا من داره.

و دخل أحدهم دار إمرأة قد نُهب کلّ ما فیها، فوجد تلک المرأة جالسة علی الأرض و فی حجرها طفلها یرتضع، فمدّ الرجل یده و أخذ برجل الطفل و جذبه من حجر أمه و الثدی فی فمه و ضرب برأس الطفل الجدار فسال دماغه علی الأرض و أمه تنظر إلیه.

ثم جمع مسلم بن عقبة أهل المدینة و أخذ منهم الإقرار و الاعتراف بأنهم عبید مملوکون لیزید بن معاویة.

و بعد ذلک خرج الجیش من المدینة تارکاً وراءه الجثث و آلاف الیتامی و الأرامل، طعامهم البکاء و شرابهم الدموع، و فراشهم التراب، و متاعهم الآلام و الآهات و الذعر و العویل.

و توجه الجیش نحو مکة لیحرقوا الکعبة و یقتلوا الناس فی المسجد الحرام لأجل القضاء علی عبدالله بن الزبیر المتحصن فی المسجد الحرام الذی من دخله کان آمناً.

و لا تسأل عن الفجائع التی انصبت علی أهل المدینة، فجیعة بعد فجیعة و مصیبة تلو الأخری.

و أما ما قام به الحجاج بن یوسف الثقفی فی العراق فإنه یشیّب الطفل و هو فی المهد، و یورث الدهشة و الذعر فی القاریء الذی یقرأ تلک

الإضبارة السوداء الشوهاء، و تستولی علیه حالة التهوّع و التقیّؤ.

حتی قال عمر بن عبد العزیز: لو جاءت کل أمة بخبیثها و جئنا بالحجاج لغلبناهم.

و قال عاصم: ما بقیتْ لله (عز و جل) حُرمة إلاّ و قد إرتکبها الحجاج!


1) الامامه و السیاسه ج 2 ص 7.

2) کتاب تتمه المنتهی للقمی.