جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مواکب الشعراء فی رثَاء السیدة الزهراء

زمان مطالعه: 7 دقیقه

إن عظمة السیدة فاطمة الزهراء (علیهاالسلام) و فضائلها و مزایاها و مصائبها و ما رأت من الضغط و الکبت و الاضطهاد کانت کافیة لتهییج العواطف الجیّاشة تجاهها، فلا عجب إذا طفق الشعراء ینثرون مدائحهم للسیدة فاطمة- بمختلف اللغات- و یعبّرون عن شعورهم و حبهم و مودتهم ایاها.

و ذلک حینما اهتزت ضمائرهم، فتفتحت قرائحهم، و فاضت أحاسیسهم فطفقوا یثنون علی السیدة فاطمة الزهراء أحسن الثناء، و یرثونها بأوجع الرثاء.

و أی شاعر یشعر بآلام السیدة فاطمة الزهراء و لا یهیج شعوره؟ و أی إنسان یدرک مواهب السیدة فاطمة الزهراء و مزایاها و لا یعبّر عن مشاعره؟إلاّ أن یکون شعوره متحجراً، أو إدراکه معطلاّ أو أحاسیسه راکدة جامدة.

إن جمال حیاة السیدة فاطمة الزهراء یأخذ بمجامع قلب کل حرٍٍ، و کل قلبٍ حرٍ سلیم. و لقد کان للشعراء مواقف مشکورة مذکورة تجاه سیدتنا فاطمة الزهراء و أخص منهم شعراء القرون الأخیرة فلقد سجلوا أروع آیات الولاء بأجمل تعبیر، و صبّوها فی قالب النظم و القریض مدحاً و رثاءً، و کفاهم بذلک ثمناً للجنة التی وُعد المتّقون.

فإنَّک تجد الأدب الرفیع و المستوی الأعلی و التعبیر الأجمل الأرقی فی کل بیت من کل قصیدة، و کأن کل بیت منها هو بیت القصید.

و إلیک طائفة من باقات الولاء التی سجلّها الشعراء فی دیوان التاریخ الخالد:

1- لقد أجاد المرحوم الشیخ کاظم الازری (تغمده الله برحمته) حیث قال:

نقضوا عهد أحمد فی أخیه++

و أذاقوا البتول ما أشجاها

یوم جاءت إلی عدیٍّ و تیمٍ++

و من الوجد ما أطال بکاها

فدنت و اشتکت إلی الله شکویً++

و الرواسی تهتزّ من شکواها

لست أدری إذروّعت و هی حسری++

عاند القوم بعلها و أباها

تعظ القوم فی أتم خطاب++

حکت المصطفی به و حکاها

هذه الکتب فاسألوها تروها++

بالمواریث ناطقاً فحواها

و بمعنی (یوصیکم الله) أمر++

شامل للأنام فی قرباها

فاطمأنَّت لها القلوب و کادت++

أن تزول الأحقاد ممن طواها

: أیها القوم راقبوا الله فینا++

نحن من روضة الجلیل جناها

و اعلموا أننا مشاعر دین الله++

فیکم فأکرموا مثواها

و لنا من خزائن الغیبِ فیض++

ترد المهتدون منه هداها

أیها الناس أیّ بنت نبیٍّ++

عن مواریثه أبوها زواها؟

کیف یزوی عنی تراثی عتیقٌ++

بأحادیث من لدنه افتراها

کیف لم یوصنا بذلک مولانا؟++

وتیماً من دوننا أوصاها؟

هل رآنا لا نستحق اهتداءً++

و استحقت تیم الهدی فهداها؟

أم تراه أضلنا فی البرایا++

بعد علم لکی نصیب خَطاها؟

أنصفونی من جائرین أضاعا++

حرمة المصطفی و ما رعیاها

2- و لشیخ الفقهاء و الفلاسفة آیة الله الشیخ محمد حسین الاصفهانی (رحمه الله) فی مدح الزهراء (علیهاالسلام) و رثائها:

جوهرة القدس من الکنز الخفی++

بدت فأبدت عالیات الأحرف

و قد تجلی من سماء العظمة++

فی عالم الأسماء أسمی کلمة

بل هی أُمّ الکلمات المحکمة++

فی غیب ذاتها، فکانت مبهمة

أم أئمة العقول الغرّ، بل++

(أم‏أبیها) و هو علّة العلل

روح النبی فی عظیم المنزلة++

و فی الکفاء کفوء من لا کفؤله

تمثلّت رقیقة الوجود++

لطیفة جلَّت عن الشهود

تطوّرت فی أفضل الأطوار++

نتیجة الأدوار و الأکوار

تصوّرت حقیقة الکمال++

بصورة بدیعة الجمال

فإنها الحوراء فی النزول++

و فی الصعود محور العقول

یمثّل الوجوب فی الإمکان++

عیانها بأحسن العیان

فإنّها قطب رحی الوجود++

فی قوسی النزول و الصعود

و لیس فی محیط تلک الدائرة++

مدارها الأعظم إلاَّ (الطاهرة)

مصونة عن کل رسم و سمة++

مرموزة فی الصحف المطهّرة

(صدّیقة) لا مثلها صدّیقة++

تفرغ بالصدق عن الحقیقة

بدا بذلک الوجود الزاهر++

سرّ ظهوره الحقّ فی المظاهر

هی (البتول) الطهر و (العذراء)++

کمریم الطهر، و لا سواء

فإنَّها سیدة النساء++

و مریم الکبری بلا خفاء

بُشراک یا أبا (العقول العشرة)++

بالبضعة الطاهرة المطهرة

مهجة قلب عالَم الإمکان++

و بهجة الفردوس فی الجنان

غُرّتها الغرّاء مصباح الهدی++

یُعرف حسن المنتهی بالمبتدا

و فی محیّاها بعین الأولیاء++

عینان من ماء الحیاة و الحیاء

بُشراک یا خلاصة الإیجاد++

بصفوة الأنجاد و الأمجاد

أم الکتاب و ابنة التنزیل++

ربّة بیت العلم بالتأویل

بحر الندی و مجمع البحرین++

قلب الهدی و مهجة الکونین

واحدة النبی أوّل العدد++

ثانیة الوصی نسخة الأحد

و مرکز الخمسة من أهل العبا++

و محور السبع علوّاً و إبا

لک الهنا یا سیّد البریة++

بأعظم المواهب السّنیّة

أتاک طاووس ریاض الانس++

بنفحة من نفحات القدس

من جُنّة الأسماء و الصفاء++

جلّت عن المدیح و الثناء

فارتاحت الأرواح من شمیمها++

و اهتزت النفوس من نسیمها

بها انتشی فی الکون کل صاح++

و طابت الأشباح بالأرواح

تحیی بها الأرض و مَن علیها++

و مرجع الأمر غداً إلیها

لهفی لها لقد أضیع قدرها++

حتی تواری بالحجاب بدرها

تجرّعت من غصص الزمان++

ما جاوز الحدّ من البیان

و حبّها من الصفات العالیة++

علیه دارت القرون الخالیة

تبتّلت عن دنس الطبیعة++

فیا لها من رتبة رفیعة

مرفوعة الهمة و العزیمة++

عن نشأة الزخارف الذمیمة

فی أفق المجد هی الزهراء++

للشمس من زهرتها الضیاء

بل هی نور عالَم الأنوار++

و مطلع الشموس و الأقمار

رضیعة الوحی من الجلیل++

حلیفة لمحکم التنزیل

مفطومة عن زلل الأهواء++

معصومة عن وصمة الخطاء

معربة بالستر و الحیاء++

عن غیب ذات باریء الأشیاء

(راضیة) بکل ما قضی القضا++

بما یضیق عنه واسع الفضاء

(زکیة) عن و صمة القیود++

فهی غنیّة عن الحدود

یا قِبلة الأرواح والعقول++

و کعبة الشهود و الوصولِ

مَن بقدومها تشرفت (منی)++

و من بها تدرک غایة المنی

و بابها الرفیع باب الرحمة++

و مستجار کلّ ذی ملمّة

و ما الحطیم عند باب فاطمة++

بنورها تطفأ نار الحاطمة

و بیتها المعمور کعبة السما++

أضحی ثراه للثریا مَلثما

و خدرها السامی رواق العظمة++

و هو- مطاف الکعبة المعظمة

حجابها مثل حجاب الباری++

بارقة تذهب بالأبصار

تمثل الواجب فی حجابها++

فکیف بالإشراق من قبابها

یا درة العصمة والولایة++

من صدف الحکمة و العنایة

فالکوکب الدرّی فی السماء++

من ضوء تلک الدرة البیضاء

و النیّر الأعظم منها کالسّها++

کیف و لا حدّ لها و منتهی

أشرقت العوالم العلویة++

بنور تلک الدرة البهیة

یا دوحة حازت سنام الفلک++

بل جاوز السدرة فرعها الزکی

یا دوحة أغصانها تدلّت++

بموضع فیه العقول ضلّت

دنت إلی مقام (أو أدنی) فلا++

تبتغ من ذلک أعلی مثلا

یا شجر الطور و أین الشجرة++

من دوحة المجد الأثیل المثمرة؟

و إنما السدرة و الزیتونة++

عنوان تلک الدوحة المیمونة

أثمارها الغرّ مجالی الذات++

مظاهر الأسماء و الصفات

مبادیء الحیاة فی البدایة++

و منتهی الغایات للنهایة

أثمارها عزائم القرآن++

فی صفحات مصحف الإمکان

أثمارها منابت للمعرفة++

من جنة الذات غدت مقتطفة

لک الهنا یا (سید الوجود)++

فی نشئات الغیب و الشهود

بمن تعالی شأنها عن مثل++

کیف و لا تکرار فی التجلّی

و لا یثنی هیکل التوحید++

فکیف بالنظیر و الندید

و ملتقی القوسین نقطة، فلا++

تری لها ثانیة أو بدلا

وحیدة فی مجدها القدیم++

فریدة فی أحسن التقویم

و ما أصابها من المصاب++

مفتاح بابه (حدیث الباب)

إن حدیث الباب ذو شجون++

مما به جنت ید الخؤون

أیهجم العدی علی بیت الهدی++

و مهبط الوحی و منتدی الندی؟

أیضرم النار بباب دارها++

و آیة النور علا منارها

و بابها باب نبی الرحمة++

و باب أبواب نجاة الأمة

بل بابها باب العلی الأعلی++

فثمّ وجه الله قد تجلیَّ

ما اکتسبوا بالنار غیر العار++

و من ورائه عذاب النار

ما أجهل القوم فإن النار لا++

تطفیء نور الله جل و علا

و إن کسر الضلع لیس ینجبر++

إلاَّ بصمصام عزیز مقتدر

إذ رضّ تلک الأضلع الزکیة++

رزیة لا مثلها رزیة

و من نبوع الدم من ثدییها++

یُعرف عُظم ما جری علیها

و جاوز الحد بلطم الخدّ++

شلّت ید الطغیان و التعدیّ

فاحمرت العین، و عین المعرفة++

تذرف بالدمع علی تلک الصفة

و لا تزیل حمرة العین سوی++

بیض السیوف یوم ینشر اللوی

و للسیاط رنة، صداها++

فی مسمع الدهر، فما أشجاها

و الأثر الباقی کمثل الدملج++

فی عضد الزهراء أقوی الحجج

و من سواد متنها اسودّ الفضا++

یا ساعد الله العلی المرتضی

وو کز نعل السیف فی جنبیها++

أتی بکل ما أتی علیها

و لست أدری خبر المسمار++

سل صدرَها خزانة الأسرار

و فی جنین المجد ما یُدمی الحشا++

و هل لهم إخفاء أمر قد فشا

و البابُ و الجدار و الدماءُ++

شهود صدق ما به خفاء

لقد جنی الجانی علی جنینها++

فاندکت الجبال من حنینها

أهکذا یُصنع بابنة النبی++

حرصاً علی الملک فیا للعجب؟

أتُمنع المکروبة المقروحة++

عن البکاء خوفاً من الفضیحة

تالله ینبغی لها تبکی دماً++

ما دامت الأرض و دارت السما

لفقد عزها: أبیها السامی++

و لإهتضامها و ذُلّ الحامی

أتستباح نحلة الصدّیقة++

و إرثها من أشرف الخلیفة؟

کیف یُردّ قولها بالزور++

إذ هو ردّ آیة التطهیر؟

أیوخذ الدین من الأعرابی++

و ینبذ المنصوص بالکتاب؟

فاستلبوا ما ملکت یداها++

و ارتکبوا الجریمة مُنتهاها

یا ویلهم قد سألوها البیّنة++

علی خلاف السنّة المبیّنة

و ردّهم شهادة الشهود++

أکبر شاهد علی المقصود

و لم یکن سدّ الثغور غرَضاً++

بل سدّ بابها و باب المرتضی

صدّوا عن الحق و سدّوا بابه++

کأنّهم قد أمنوا عقابه

أبضعة الطهر، العظیم قدرها++

تدفن لیلاً و یعفّی قبرها

ما دُفنت لیلاً بستر و خفا++

إلاَّ لوجدها علی أهل الجفا

ما سمع السامع فیما سمعا++

مجهولة للقدر و القبر معا

یا ویلهم من غضب الجبّار++

بظلمهم ریحانة المختار

3- لبعض الشعراء المتأخرین:

إن قیل حوّاء قلت: فاطم فخرها++

أو قیل مریم قلت: فاطم أفضل

أفهل لحوّا والد کمحمد؟++

أم هل لمریم مثل فاطم أشبُلُ

کلٌّ لها حین الولادة حالة++

منها عقول ذوی البصائر تذهل

هذی لنخلتها إلتجت فتساقطت++

رطباً جنیاً فهی منه تأکل

وضعت بعیسی و هی غیر مروعة++

أنّی و حارسها السرّی الأبسل

و إلی الجدار و صفحة الباب إلتجت++

بنت النبی فأسقطت ما تحمل

سقطت و أسقطت الجنین و حولها++

من کل ذی حسب لئیم جحفل

هذا یعنّفها و ذاک یدعّها++

و یردها هذا و هذا یرکل

و أمامها أسد الأسود، یقوده++

بالحبل قنفذ هل کهذا معضل

و لسوف تأْتی فی القیامة فاطم++

تشکو إلی رب السماء و تعول

و لترفعنَّ جنینها و حنینها++

بشکایة منها السما تتزلزل

ربّاه! میراثی و بعلی حقَّه++

غصبوا، و أبنائی جمیعاً قُتّلوا

فرخای: ذا بالسُمّ أمسی قلبه++

قطعاً، و هذا بالدماء مغسّل

4- و من قصیدة لبعض أشراف مکة نقتطف منها بعضها:

و أتت فاطم تطالب بالإر++

ث من المصطفی فما ورّثاها

لیت شعری لِمَ خولفت سنن++

القرآن فیها؟ و الله قد أعلاها

نُسخت آیة المواریث منها++

أم هُما بعد فرضها بدّلاها؟

أم تری آیة المودة لم تأْ++

تِ بوُدّ الزهراء فی قرباها

ثم قالا: أبوکِ جاء بهذا++

حجة من عنادهم نصباها

قال: للأنبیاء حکم بأن لا++

یُورثوا فی القدیم و انتهراها

أفَبِنتُ النبی لم تدر إن کا++

ن نبی الهدی بذلک فاها؟

بضعة من محمد خالفت ما++

قال؟ حاشا مولاتنا حاشاها

سمعته یقول ذاک و جاءت++

تطلب الإرث ضلّةً و سفاها؟

هی کانت لله أتقی و کانت++

أفضل الخلق عفَّةً و نزاها

أو تقول: النبی قد خالف القر++

آن؟ ویح الأخبار ممن رواها

سل بإبطال قولهم سورة النمـ++

ـل، و سَل مریم التی قبل طه

فهُما ینبئان عن إرث یحیی++

و سلیمان من أراد انتباها

فدعت و اشتکت إلی الله من ذا++

ک و فاضت بدمعها مقلتاها

ثم قالت: فنَحلة لی من وا++

لدی المصطفی فلم ینحلاها

فأقامت بها شهوداً فقالوا:++

بعلها شاهد لها و ابناها

لم یجیزوا شهادة أبنیْ رسول++

الله هادی الأنام إذ ناصباها

لم یکن صادقاً علیّ و لا فا++

طمة عندهم و لا ولداها

جرّعاها من بعد والدها الـ++

ـغیظ مراراً فبئس ما جرّعاها

لیت شعری ما کان ضرّهما الحفـ++

ـظ لعهد النبی لو حفظاها؟

کان إکرام خاتم الرسل الها++

دی البشیر النذیر لو أکرماها

و لکان الجمیل أن یقطعاها++

فدکاً، لا الجمیل أن یقطعاها

أتری المسلمین کانوا یلومو++

نهما فی العطاء لو أعطیاها؟

کان تحت الخضراء بنت نبیٍ++

صادقٍ ناطقٍ أمینٍ سواها؟

بنت مَن؟ أُمّ مَن؟ حلیلة مَن؟++

ویل لمن سنّ ظلمها و أذاها

شیّعت نفسَها ملائکة الرحـ++

ـمن رفقا بها و ما شیعاها

کان زهداً فی أجرها أم عناداً++

لأبیها النبی لم یتبعاها؟

أم لأن البتول أوصت بأن لا++

یشهدا دفنها فما شهداها

لا نبی الهدی أُطیع، و لا فا++

طمة أُکرمت و لا حسناها

…. إلی آخر القصیدة.