تعتبر تسمیة الطفل المولود أو التسمیة (بصورة عامة) من سنن الله تعالی الأولی و قد سمَّی الله تعالی آدم و حوَّاء یوم خلقهما، و علَّم آدم الأسماء کلها،و قد سار الناس علی هذه السنة أو السیرة. فالتسمیة لا بدَّ منها عند البشر المتحضّر، و لعل البشر المتوحش فی الغابات بسبب إبتعادهم عن الحضارة- لا یعرفون التسمیة و لا یسمُّون.
و تختلف أسماء البشر علی مرِّ الأجیال و العصور، و علی إختلاف لغاتها فقد توجد هناک مناسبة بین الإسم و المسمَّی، و قد لا توجد، و قد یکون للإسم معنی فی قاموس اللغة و قد لا یکون له معنی، بل هو إسم مخترع لا من مادة لغویة.
أما أولیاء الله فإنَّ التسمیة تعتبر عندهم ذات أهمیة کبری، و لا یخلو الأمر عن الحقیقة، لأنَّ الإنسان ینادی و یدعی باسمه، فکم هناک فرق بین الاسم الحسن الجیِّد، و بین القبیح السیئ؟!
و کم هناک فرق بین تأثر نفس صاحب الإسم بهذا و ذاک و هکذا تأثر السامع للاسم؟ فهذه إمرأة عمران ولدت بنتاً فقالت: «و إنی سمیتها مریم».
و اختار الله لنبیه یحیی (علیهالسلام) هذا الإسم قبل أن تنعقد نطفته فی رحم أُمِّه، لأنَّ زکریا سأل ربه قال: «فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیّاً یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِیَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیّاً» فجاء الجواب: «یَا زَکَرِیَّا إِنَّا نُبَشِّرُکَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ یَحْیَی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیّاً»(1)
و أنت إذا أمعنت النظر فی قوله تعالی: «لم نجعل له من قبل سمیاً» یتضح لک أنَّ تعیین أسماء أولیاء الله یکون من عنده (عز و جل)، و أنَّ الله تولی تسمیتهم و لم یکلها إلی الأبویْن.
إذا عرفت هذا فهلمَّ معی إلی طائفة کبیرة من الأحادیث التی تذکر إسم السیدة فاطمة الزهراء و وجه التسمیة، و أنها إنما سمیت بفاطمة لأسباب و مناسبات، و لیست هذه التسمیة إرتجالیة، و لا ولیدة إعجاب وا ستحسان فقط، بل روعی فیها مناسبة الإسم مع المسمی، بل صدق الإسم علی المسمَّی، و بهذه الأحادیث الآتیة یتضح ما نقول.
قال الإمام الصادق (علیهالسلام): لفاطمة تسعة أسماء عند الله (عز و جل):
1- فاطمة
2- و الصدِّیقة
3- و المبارکة
4- و الطاهرة
5- و الزکیة
6- و الراضیة
7- و المرضیة
8- والمحدَّثة
9- و الزهراء…(2)
و الان… الیک شرحاً موجزاً لهذه الأسماء المقدسه:
1) مریم: 7.
2) البحار: ج 43/ 10.